المبحث الثاني : إختصاصات المحكمة الاتحادية العليا
لم ترد اختصاصات المحكمة أو المسائل التي للمحكمة ولاية النظر والفصل فيها مجمعة في قانون خاص مستقل، وإنما جاءت موزعة ومفرقة في ثنايا نصوص تشريعية مختلفة. ومع ذلك فإنه من الممكن حصر الموارد التي وردت فيها اختصاصات المحكمة في ثلاثة موارد:
أولا الدستور
حرص الدستور على أن يحدد اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا، فنص في المادة (99) على أن:- تختص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في الأمور التالية:-
- المنازعات المختلفة بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد، أو بين أية إمارة أو أكثر وبين حكومة الاتحاد، متى أُحيلت هذه المنازعات إلى المحكمة بناء على طلب أي طرف من الأطراف المعنية.
- بحث دستورية القوانين الاتحادية، إذا ما طعن فيها من قبل إمارة أو أكثر لمخالفتها لدستور الاتحاد. وبحث دستورية التشريعات الصادرة عن إحدى الإمارات، إذا ما طعن فيها من قبل إحدى السلطات الاتحادية لمخالفتها لدستور الاتحاد، أو للقوانين الاتحادية.
- بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً، إذا ما أُحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم البلاد أثناء دعوى منظورة أمامها وعلى المحكمة المذكورة أن تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بهذا الصدد.
- تفسير أحكام الدستور إذا ما طلبت إليها ذلك إحدى سلطات الاتحاد، أو حكومة إحدى الإمارات. ويعتبر هذا التفسير ملزماً للكافة.
- مساءلة الوزراء وكبار موظفي الاتحاد المعينين بمرسوم، عما يقع منهم من أفعال في أداء وظائفهم الرسمية بناء على طلب المجلس الأعلى ووفقاً للقانون الخاص بذلك.
- الجرائم التي لها مساس مباشر بمصالح الاتحاد، كالجرائم المتعلقة بأمنه في الداخل أو في الخارج، وجرائم تزوير المحررات أو الأختام الرسمية لإحدى السلطات الاتحادية، وجرائم تزييف العملة.
- تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية المحلية في الإمارات.
- تنازع الاختصاص بين هيئة قضائية في إمارة وهيئة قضائية في إمارة أخرى. وتنظيم القواعد الخاصة بذلك بقانون اتحادي.
- أية اختصاصات أخرى منصوص عليها في هذا الدستور أو يمكن أن تحال إليها بموجب قانون اتحادي.
وقد أضاف الدستور ذاته إلى المحكمة الاتحادية العليا الاختصاص بالفصل في :
- الاعتراض الذي قد يثيره المجلس الأعلى للاتحاد على إبرام الإمارات للاتفاقيات الدولية التي يجوز لها عقدها طبقاً لنص المادة (123) من الدستور.
- الخلاف الذي قد يثور بين إحدى الإمارات والسلطة الاتحادية المختصة في شأن إبرام هذه السلطة معاهدة أو اتفاقية دولية تمس المركز الخاص لتلك الإمارة وذلك عملاً بالمادة (124).
- التعارض الذي قد يقوم بين هذا الدستور ودساتير الإمارات، أو بين القوانين الاتحادية والتشريعات واللوائح والقرارات الصادرة عن سلطات الإمارات، وذلك عملاً بالمادة (151).
وهذه الاختصاصات دليل على مكانة وأهمية المحكمة الاتحادية العليا في النظام الاتحادي للدولة.
ثانيا قانون إنشاء المحكمة
يتناول القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973 في شأن إنشاء المحكمة الاتحادية العليا في بابه الثالث بيان اختصاصات المحكمة، فنصت المادة (33) منه على أن:-
تختص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الأمور الآتية:
- المنازعات المختلفة بين الإمارات الأعضاء في الاتحاد أو بين أية إمارة أو أكثر وبين حكومة الاتحاد، متى أحيلت هذه المنازعات إلى المحكمة بناءً على طلب أي طرف من الأطراف المعنية.
- بحث دستورية القوانين الاتحادية، إذا ما طعن فيها من قبل إمارة أو أكثر لمخالفتها لدستور الاتحاد.
- بحث دستورية التشريعات الصادرة من إحدى الإمارات الأعضاء إذا ما طعن فيها من قبل إحدى السلطات الاتحادية لمخالفتها لدستور الاتحاد أو للقوانين الاتحادية.
- بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموماً إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم الاتحاد أو الإمارات الأعضاء أثناء دعوى منظورة أمامها.
- تفسير أحكام الدستور بناءاً على طلب إحدى سلطات الاتحاد أو حكومة إحدى الإمارات الأعضاء.
- تفسير المعاهدات والاتفاقيات الدولية بناءاً على طلب إحدى سلطات الاتحاد أو الإمارات الأعضاء أو إذا كان التفسير موضع خلاف في دعوى مطروحة أمام إحدى المحاكم.
- مساءلة الوزراء وكبار موظفي الاتحاد والمعينين بمراسيم عما يقع منهم من أفعال في أداء وظائفهم الرسمية، بناءاً على طلب المجلس الأعلى للاتحاد ووفقاً للقانون الخاص بذلك.
- الجرائم التي لها مساس مباشرة بمصالح الاتحاد كالجرائم المتعلقة بأمنه في الداخل والخارج وجرائم تزوير المحررات أو الأختام الرسمية لإحدى سلطات الاتحاد وجرائم تزييف العملة.
- تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية في الإمارات.
- تنازع الاختصاص بين هيئة قضائية في إمارة وهيئة قضائية في إمارة أخرى أو بين الهيئات القضائية في أية إمارة فيما بينها.
- أية اختصاصات أخرى ينص عليها الدستور أو في أي قانون اتحادي.
والملاحظ على هذه الاختصاصات أنها ترديد يكاد يكون حرفياً لنص المادة (99) من دستور الاتحاد، اللهم إذا استثنينا بعض العبارات التي نصت عليها المادة (99) من الدستور ولم تنص عليها المادة (33) من قانون إنشاء المحكمة، فلم تورد المادة (33) في بندها الرابع عبارة "وعلى المحكمة المذكورة أن تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بهذا الصدد" الواردة في البند (3) من المادة (99) من الدستور، كما لم يرد في البند (5) من المادة (33) من قانون إنشاء المحكمة عبارة "ويعتبر هذا التفسير ملزماً للكافة" الواردة في البند (4) من المادة (99) من الدستور، وفيما عدا ما سلف فإن المادتين متطابقتان نصاً وترتيباً.
ومن الاختصاصات المسندة إلى المحكمة بموجب قانون إنشائها اختصاص الفصل في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية بين الاتحاد والأفراد سواء أكان الاتحاد مدعياً أو مدعى عليه فيها، إذ أشارت صدر المادة (72) من قانون المحكمة إلى أن هذا الاختصاص مؤقت ينتهي بإنشاء المحاكم الاتحادية الابتدائية.
وبصدور القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978 في شأن إنشاء محاكم اتحادية ونقل اختصاصات الهيئات القضائية المحلية في بعض الإمارات إليها، انتقل اختصاص نظر جميع المنازعات الإدارية بين الاتحاد والأفراد سواء كان الاتحاد مدعياً أو مدعى عليه فيها إلى المحكمة الاتحادية الابتدائية في عاصمة الاتحاد، أما المنازعات المدنية والتجارية التي تنشأ بين الاتحاد والأفراد فأسند اختصاص نظرها إلى المحكمة الاتحادية الابتدائية حسب مقر إقامة المدعى عليه، وذلك كله تنفيذاً للمادة (3) من القانون المذكور.
إذ صدر القانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 في شأن الإجراءات المدنية، فقد أسند الاختصاص المذكور إلى المحكمة الاتحادية الابتدائية في عاصمة الاتحاد. فقد نصت المادة (25) من القانون على أن:- "تختص المحكمة الاتحادية الابتدائية في عاصمة الدولة بالنظر في جميع المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الدولة والأفراد سواء كانت الدولة مدعياً أو مدعى عليها فيها.ويجوز عند الاقتضاء أن تنعقد في أية عاصمة من عواصم الإمارات."
ومما يجدر ذكره أن قضاء المحكمة الاتحادية العليا استقر على جواز رفع الدعاوى الواردة في المادة (25) إجراءات مدنية أمام محكمة عاصمة إمارة أخرى غير محكمة عاصمة الاتحاد إذا كان النزاع يقع في دائرة اختصاصها. (الطعن رقم 54 لسنة 15 ق.ع مدني جلسة 18/5/1993) كما قضت ذات المحكمة باختصاصها بنظر المنازعات الواردة في المادة (72) من قانون إنشائها إذا كان النزاع قائماً بين جهة من سلطات الاتحاد وبين مدعى عليه من الأفراد يقيم في إمارة لم تنضم إلى القضاء الاتحادي (الطعن رقم 5 لسنة 17 ق.ع مدني جلسة 19/1/1992).
ومن الاختصاصات الأخرى التي تمارسها المحكمة العليا استناداً إلى قانون إنشائها اختصاصها بنظر دعاوى تأديب رجال القضاء وبتعيين المحكمة المختصة بنظر الجرائم التي قد تقع من قضاتها ولو كانت غير متعلقة بوظائفهم (م 20، 23 من قانون إنشاء المحكمة).
ثمة اختصاصات أخرى أسندت إلى المحكمة الاتحادية العليا بموجب مواد وردت في قوانين اتحادية، نذكر منها على سبيل المثال:
- نظر الطعون المرفوعة عن الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف الاتحادية استناداً إلى قانون تنظيم حالات وإجراءات الطعن بالنقض أمام المحكمة الاتحادية العليا، وفق الحالات والأوضاع والإجراءات المنصوص عليها في قانوني الإجراءات المدنية والإجراءات الجزائية الاتحاديين.
- الفصل في الجرائم الواقعة بالمخالفة لأحكام المادتين 32، 34 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1973 في شأن الهجرة والإقامة وتعديلاته.
- النظر في الطعون المرفوعة عن قرارات مجالس تأديب المحامين استناداً إلى المادة (56) من القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1991 في شأن تنظيم مهنة المحاماة و تعديلاته. وتنظر هذه الطعون أمام دائرة النقض الجزائي.
- نظر الدعاوى التأديبية المرفوعة على رجال القضاء طبقاً للأوضاع والإجراءات المنصوص عليها في القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 1983 في شأن السلطة القضائية الاتحادية وتعديلاته. وكذلك تعيين المحكمة المختصة بنظر محاكمة القضاة عن الجرائم الواقعة منهم ولو لم تكن متعلقة بوظائفهم.
- اختصاص المحكمة بنظر التظلمات المرفوعة عن القرارات الصادرة من لجنة قيد الخبراء وتأديبهم بشأن قيد أو تأديب أو استبعاد الخبراء من جدول الخبراء، وذلك استناداً إلى المادة (38) من القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1974 في شأن تنظيم الخبرة أمام المحاكم.
- النظر في التظلمات المرفوعة من الموظفين في الحكومة الاتحادية الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية الاتحادي عن قرارات مجلس التأديب الصادرة بتوقيع عقوبات الوقف عن العمل دون مرتب أو خفض المرتب أو الدرجة أو خفضهما معاً أو الفصل من الوظيفة. ويكون التظلم أمام الدائرة الجزائية بالمحكمة وذلك استناداً إلى المادة (84) من القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 1973 في شأن الخدمة في الحكومة الاتحادية وتعديلاته، والحكم الصادر في التظلم نهائي.
- النظر والفصل في تظلمات رجال القضاء من قرارات تقدير التفتيش.
ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد أسند هذا الاختصاص إلى دوائر محاكم الاستئناف الاتحادية.